كتب هذه المقالة محمد قاعود. مدرب معتمد من الأكاديمية الدولية لعلوم الرياضة و المؤسسة الأسترالية للفتنس

ما أكثر الأساطير التي تدور حول هرمون الأنسولين. تلك الأساطير التي تصفه بأنه هرمون ضار على عملية التخسيس . و كيف أنه يمنع حرق الدهون , بل و يزيدك دهون حتى أثناء الدايت . و يتم بالتبعية التحذير من تناول الكاربوهيدرات التي تحفز الجسم على أفراز هذا الهرمون.

و أساطير أخرى تدور حول نوعيات الكارب التي يجب أن نبتعد عنها تماما و مواعيد تناول الكاربوهيدرات و ماذا نأكل مع الكاربوهيدرات ..الخ. بل يذهب بعض المخرفين الى مدى ابعد بنصائحهم عن قمع هرمون الانسولين تماما و العمل على ألا يفرزه جسمك ابدا طوال فترة الدايت. فما هي حقيقة هذا الهرمون ؟ و هل حقا يضر عملية التخسيس ؟

ما هو هرمون الأنسولين ؟ :

الانسولين هو هرمون تفرزه خلايا بيتا بالبنكرياس للتحكم في مستويات السكر بالدم و ابقاؤها في معدلاتها الطبيعية . (اقل من 100 ng/dl وقت الصيام او عند الاستيقاظ) .

عندما تحس خلايا بيتا  Beta cells بأرتفاع الجلوكوز في الدم (بعد تناول وجبة طعام) , تقوم بأفراز هرمون الأنسولين . و يقوم هرمون الأنسولين بنقل الجلوكوز الى جميع خلايا الجسم , حيث أنه مصدر الطاقة الرئيسي . كما يقوم بتخزين الجلوكوز الزائد بالكبد و العضلات و مخازن الدهون .

مرضى السكري رقم 1 تكون خلايا البيتا بالبنكرياس عندهم مدمرة . و قد لا تفرز هرمون الانسولين . و بالتالي يحتاجون الى حقن الأنسولين لأبقاء مستويات السكر طبيعية في دمهم. أما مرضى السكري 2 , فلديهم مناعة ضد الأنسولين . أي أن خلايا الجسم لا تستجيب للأنسولين و لا تستقبل الجلوكوز.

و دور الأنسولين لا يقتصر على نقل الجلوكوز و تخزينه . بل هو له دور رئيسي في تخليق بروتين العضلات من الأحماض الأمينية بالدم . كما أنه يوقف عملية حرق الدهون Lipolysis و يؤدي الى عملية تخليق الدهون Lipogenesis .

و هذا الدور الأخير الخاص بمنع عملية حرق الدهون و الحث على تخزين الدهون هو ما أدى إلى “شيطنة” الأنسولين و وصفه بالهرمون الضار أثناء الدايت الذي يجب قمعه بشتى الطرق حتى تخسر الدهون.

و بالتبعية يتم شيطنة الكاربوهيدرات ايضا , أو بعض الأنواع منها . حيث أن منطق المخرفين , ان الكاربوهيدرات ترفع الأنسولين , و الأنسولين يساعد في عملية تخزين الدهون , و بالتالي تناول الكارب أو بعض الأنواع منها يضر التخسيس.  و هذا المنطق يشوبه العديد من القصور و عدم الفهم . في هذه المقالة أشرح لك لماذا لا يضر هرمون الأنسولين بالتخسيس عند الأشخاص الأصحاء .

1 – هرمون الأنسولين يزيد فقط بعد تناول الطعام :

عند الأشخاص الأصحاء , هرمون الأنسولين يزيد فقط بعد تناول الطعام . و ليس طوال الوقت . و هذا يعني أن عملية تخزين الدهون ووقف حرق الدهون تتم لفترة قصيرة فقط بعد تناول الطعام.

و لكن بين الوجبات و الصيام أثناء النوم , يتم حرق الدهون في غياب الأنسولين .

و المحصلة النهائية من عمليات حرق الدهون و تخزين الدهون تعتمد على كمية السعرات الحرارية التي تتناولها يوميا . لو تناولت سعرات حرارية أقل من أحتياجاتك , سوف تكون كمية الدهون المحترقة , أكثر من الدهون المخزنة . و العكس صحيح. الموضوع لا يعتمد على الكاربوهيدرات التي تتناولها.

و هناك دراسة وجدت بالفعل أن تناول دايت عالي الكارب (77% من السعرات تأتي من الكارب) تؤدي الى خفض الدهون بشكل طبيعي , طالما تم تقليل السعرات الحرارية (دراسة) . و ليس هذا فقط , بل انخفض ضغط الدم و الكوليسترول الضار عند المشاركين في الدراسة.

مقالة ذات صلة : هل سرعة أمتصاص الكاربوهيدرات تشكل فارق في التخسيس ؟

2 – ليس هرمون الأنسولين فقط من يوقف عملية حرق الدهون :

هناك أنزيم داخل الخلايا الدهنية يسمى Hormone-Sensitive Lipase . هذا الانزيم هو الذي يقوم بتكسير الخلايا الدهنية . هرمون الانسولين بالفعل يقوم بوقف نشاط هذا الانزيم.

و لكن ليس فقط هرمون الانسولين هو ما يقوم بهذا , الدهون في الطعام تقوم بوقف نشاط هذا الأنزيم HSL (دراسة) . بمعنى أنك إذا تناولت وجبة خالصة من الدهون , سوف تتوقف عملية تكسير الدهون بفعل هذه الدهون التي تناولتها . حتى مع غياب هرمون الانسولين .

و هذا يعني أن الكاربوهيدرات ليست فقط من توقف عملية حرق الدهون (مؤقتا) . و لكن دهون الطعام ايضا . هذه الرسالة موجهة لمن ينصح بدايت عالي الدهون منخفض الكارب لقمع هرمون الانسولين .

و هذا لا يعني ألا تتناول الدهون. أكرر و أقول ان وقف عملية حرق الدهون مؤقتة و تتم بعد تناول الطعام فقط . و المحصلة النهائية لحرق أو اكتساب الدهون تعتمد على كمية السعرات الحرارية التي تتناولها في نهاية اليوم.

مقالة ذات صلة : هل تناول الدهون يؤدي الى زيادة الوزن ؟

3 – البروتين أيضا له قدرة على رفع هرمون الأنسولين في الجسم بشكل كبير :

هذه هي المعلومة الهامة التي يجهلها مخرفي الانسولين و علماء تغذية الفيس بوك . و هي أن تناول البروتين يرفع هرمون الانسولين بصورة كبيرة ايضا .

هناك دراسة قامت بتجربة تناول وجبتين و قياس الأرتفاع في الجلوكوز و الأنسولين بعد تناول الوجبتين .

وجبة 1 : 21 جرام بروتين و 125 جرام كارب

وجبة 2 : 75 جرام بروتين و 75 جرام كارب

و الوجبتين نفس السعرات , 675 سعر حراري.

هذه هي مستويات الجلوكوز في الدم بعد تناول الوجبتين :

كما نرى , فأن الجلوكوز في الوجبة عالية الكارب أرتفع في الدم بصورة أكبر عن الوجبة عالية البروتين . شئ منطقي و متوقع..

مستويات الأنسولين في الدم بعد تناول الوجبتين :

هنا المفاجئة الصادمة لأعداء الكاربوهيدرات . و هي أن الوجبة عالية البروتين رفعت الأنسولين بصورة اكبر من الوجبة عالية الكارب . و إن كان الفارق طفيف .

و هذا يؤكد ان تناول البروتين يرفع هرمون الأنسولين بصورة كبيرة أيضا .

 دراسة أخرى قارنت تأثير ارتفاع الانسولين في الدم بعد تناول 4 أطعمة بروتينية .

كل وجبة منهم تحتوي على 51 جرام بروتين و 11 جرام كارب . كما ترى فأن الواي بروتين هو أكثرهم أستحثاثا للأنسولين . فهو يسمى بال Insulinogenic , أي مستحث للأنسولين . و هذه رسالة هامة للأشخاص التي تنصح بتناول الكاربوهيدرات البسيطة فقط بعد التمرين لما لها من قدرة على أستحثاث سريع للأنسولين . الواي بروتين أيضا مستحث قوي للأنسولين , إذا كان هذا يهمك في شئ . و لكن انا لا ارى الأهمية إلا في الغذاء المتوازن و ليس في اللعب في هرمونات جسمك بشكل عبيط.

كلمة نهائية بخصوص الأنسولين و الرجيم عالي الكارب :

كما قرأت من هذه المقالة , فأن الأنسولين مجرد هرمون في جسمك , يحافظ على صحتك و يحافظ على توازن جسمك . و ليس هرمون شيطاني يخزن الدهون و يمنع خسارتك للوزن . و هذا يعني أن الأشخاص الأصحاء يستطيعون خسارة الوزن و بناء العضلات مع تناول كل أنواع الكاربوهيدرات , بشرط ألا يؤثر هذا على تناول أحتياجاتك من البروتين و الدهون.

مقالة ذات صلة : أفضل أنواع الكاربوهيدرات للتخسيس .

و لكن مرضى السكر و الأشخاص المصابون بممانعة الأنسولين Insulin Resistance , فان هناك أدلة حديثة على أن الرجيم عالي الكارب قد يقلل من معدل حرقهم للدهون . و بالتالي لو انت مصاب بالسمنة المفرطة فهناك أحتمال كبير أن يكون لديك ممانعة أنسولين و بوادر أصابة بالسكري. و بالتالي قد تستفيد أكثر من رجيم عالي البروتين و متوسط او منخفض الكارب . و لكن مازالت الأبحاث في العلاقة بين الدايت عالي الكارب و مرضى ممانعة الأنسولين في بدايتها.

أتمنى لكم عام جديد سعيد